رُفِعَت قضيةٌ إلى محمد بن بشير قاضي قرطبة، أحد الخصمين فيها سعيد الخير، عم الخليفة عبد الرحمن الناصر، وأقام سعيدٌ بينةً، أحد شهودها الخليفة نفسه، ولما قدم كتاب شهادة الخليفة إلى القاضي، نظر فيه، ثم قال لوكيل سعيد: (هذه شهادةٌ لا تعمل عندي، فجئني بشاهدٍ عدل، فمضى سعيدٌ إلى الخليفة؛ وجعل يغريه على عزل القاضي، فقال: الخليفة: القاضي رجلٌ صالح، لا تأخذه في الله لومة لائم، ولست والله! أعارضه فيما احتاط به لنفسه، ولا أخون المسلمين في قبض مثله!)، ولما سئل ابن بشير عن رد شهادة الخليفة، قال: (إنه لابد من الإعذار في الشهادة، ومن الذي يجترئ على القدح في شهادة الأمير إذا قبلت؟! ولو لم أعذر، لبخست المشهود عليه حقه).